قصة عمرو بن العاص فاتح مصر ورجل معاوية
عمرو بن العاص كان رجلاً داهية وذكياً وهو من نبلاء قريش، كان معادياً بشدة للإسلام، حارب مع قريش ضد الإسلام في عدة معارك، لم يكن يعلم آنذاك أنه سيصبح أحد القادة العظماء الذين يقاتلون من أجل القضية الإسلامية، روايته عن تحوله إلى الإسلام تجعل القراءة ممتعة جداً.
نسب عمرو بن العاص
أبو عبد الله عمرو بن العاص السهمي القرشي الكناني، صحابي مسلم وقائد عسكري، وهو واحد من القادة الأربعة الذين فتحو بلاد الشام، وقائد الفتح الإسلامي لمصر، وأول والٍ مسلم على مصر بعد فتحها.
نبذة عن حياة عمر بن العاص
كان عمرو بن العاص شخصاً ثريا في عشيرة بني سحم من قبيلة قريش، وهو ابن ليلى بنت حرملة الملقبة ب “النبيغة”، قبل مسيرته العسكرية، كان عمرو تاجرا رافق القوافل على طول طرق التجارة التجارية عبر آسيا والشرق الأوسط ومصر.
دخل عمر بن العاص في الإسلام عام 629-630، أرسله النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى عمان، في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، وأكمل مهمته الأولى بنجاح من خلال تحويل حكامها إلى دين الإسلام.
كقائد لإحدى القوات العسكرية الثلاث التي أرسلها الخليفة أبو بكر إلى فلسطين، شارك في معارك أجنادين عام 634 ونهر اليرموك عام 636 وكان أحد أسباب الفتح الإسلامي لجنوب غرب فلسطين.
بعد هزيمة القوات البيزنطية الكبيرة في هليوبوليس (الآن إحدى ضواحي القاهرة) عام 640 وبابل (مدينة بيزنطية في موقع القاهرة القديمة الحالية) عام 641، دخل العاصمة الإسكندرية عام 642.
كان عمرو بن العاص قائداً ناجحاً وسياسياً ذكياً، نظم نظام الضرائب في مصر وأقام العدل وأسس حامية مدينة الفسطاط المجاورة لبابل، حيث بنى مسجداً يحمل اسمه.
عمرو بن العاص في عهد محمد
عارض عمرو بن العاص الإسلام في الأيام الأولى مثل رؤساء قريش الآخرين، حيث ترأس عمرو الوفد الذي أرسلته قريش إلى الحبشة لإقناع الحاكم أسامة بن أبجر لإبعاد المسلمين عن بلاده، فشلت المهمة ورفض حاكم الحبشة طلب قريش.
بعد هجرة محمد إلى المدينة المنورة، شارك عمرو في جميع المعارك التي خاضتها قريش ضد المسلمين، حيث قاد فرقة قريش في معركة أحد.
كان عمرو بن العاص متزوجا من أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط لكنه طلقها عندما اعتنقت الإسلام، بعد اعتناقه الإسلام ركب من مكة إلى المدينة المنورة بصحبة خالد بن الوليد.
خدم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح تحت قيادة عمرو بن العاص في حملة ذي السلاسل وأدوا صلواتهم خلفه لعدة أسابيع، في ذلك الوقت، كان عمرو بن العاص قائدهم ليس فقط في الجيش ولكن أيضا كقائد في الإرشادات الدينية.
أرسل محمد عمرو إلى عمان ولعب دورا رئيسيا في اهتداء قادة تلك الأمة، جعفر وعباد بن الجلاند، ثم أصبح حاكما للمنطقة حتى بعد وقت قصير من وفاة محمد (صلى الله عليه وسلم).
عمرو بن العاص في عهد أبي بكر وعمر
أُرسل عمرو من قبل الخليفة أبو بكر مع الجيوش العربية إلى فلسطين بعد وفاة محمد، لعب عمرو بن العاص دورا مهما في الفتح العربي لتلك المنطقة، ومن المعروف أنه كان في معارك أجنادين واليرموك وكذلك حصار دمشق.
بعد النجاح على البيزنطيين في سوريا، اقترح عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب أن يسير إلى مصر، وهو ما وافق عليه عمر.
بدأ الغزو الفعلي في نهاية عام 640 م، حيث عبر عمرو بن العاص شبه جزيرة سيناء مع 3500-4000 رجل، ويقال إنه احتفل بعيد الحج في العريش في 10 ذي الحجة 18 هجري بعد الاستيلاء على بلدات بيلوسيوم الصغيرة المحصنة وصد هجوم بيزنطي مفاجئ بالقرب من بلبيس.
توجه عمرو بن العاص نحو قلعة بابل (في منطقة القاهرة القبطية الحديثة)، بعد بعض المناوشات جنوب المنطقة، سار عمرو بن العاص شمالا نحو مصر الجديدة، مع تعزيزات 12000 رجل وصلوا في 6 يونيو 640 ووصلوا إليه من سوريا، ضد القوات البيزنطية في مصر، بقيادة ثيودور تريثيريوس.
أدى النصر العربي الناتج في معركة هليوبوليس إلى سقوط جزء كبير من البلاد، وعلى الرغم من أن قلعة بابل صمدت أمام الحصار لعدة أشهر، واستسلمت العاصمة البيزنطية الإسكندرية، التي كانت عاصمة مصر منذ ألف عام.
بعد بضعة أشهر من المعارك والحصار، تم توقيع معاهدة سلام في أواخر عام 641، في قصر في ممفيس، على الرغم من إعادة الغزو بعد فترة قصيرة من قبل القوات البيزنطية في عام 645، والتي هزمت في معركة نيكيو، وظلت البلاد ثابتة في أيدي المسلمين.
وبسبب حاجتهم إلى عاصمة جديدة، اقترح عمرو أن ينشئوا إدارة في مدينة الإسكندرية الكبيرة والمجهزة تجهيزاً جيداً، على الحافة الغربية لدلتا النيل ومع ذلك، رفض الخليفة عمر، قائلا إنه لا يريد فصل العاصمة عنه بجسم مائي.
لذلك في عام 641 أسس عمرو مدينة جديدة على الجانب الشرقي من النيل، تتمحور حول خيمته الخاصة التي كانت بالقرب من قلعة بابل.
أسس عمرو أيضا مسجدا في وسط مدينته الجديدة كان أول مسجد في مصر، مما جعله أيضا أول مسجد في قارة إفريقيا، لا يزال مسجد عمرو (مسجد عمرو بن العاص) موجودا حتى اليوم في القاهرة القديمة، على الرغم من إعادة بنائه على عدة مرات على مر القرون، حيث لم يتبق شيء من الهيكل الأصلي، يحتوي أحد أركان المسجد على قبر ابنه عبد الله بن عمرو بن العاص.
على الرغم من أن بعض المصريين لم يدعموا القوات البيزنطية خلال الفتح العربي، إلا أن بعض القرى بدأت في التنظيم ضد الغزاة الجدد.
بعد معركة نيكيو، دَمرت القوات العربية بعد أن هزمت القوات البيزنطية العديد من القرى المصرية في مسيرتها إلى الإسكندرية حيث تمردت ضدهم، كانت المقاومة المصرية قرية تلو الأخرى دون قيادة موحدة وبالتالي فشلت.
بعد تأسيس الفسطاط، تم استدعاء عمرو إلى العاصمة (التي كانت قد انتقلت في ذلك الوقت من المدينة المنورة إلى دمشق) حيث أصبح مستشاراً مقرباً من معاوية.
حياة عمر بن العاص في وقت لاحق
بعد فتوحاته العسكرية، كان عمرو بن العاص لاعبا مهما في الصراعات الداخلية داخل الإمبراطورية الإسلامية، كان عمرو مؤيدا للخليفة عثمان بن عفان ولاحقا مؤيدا لمعاوية، وتوفي في عهد معاوية.
في وقت لاحق من حياة عمرو، تم إرساله في مهمة من معسكر معاوية للتفاوض على صفقة بعد معركة صفين، والتي كانت صراعا كبيرا حول المسلم ضد المسلم والأخ ضد أخيه.
تم الاتفاق على الاجتماع الأول من قبل الطرفين، ولكن لم يتم التوصل إلى نتيجة، عندما كان معاوية على وشك الخسارة أثار مشاكل سياسية لعلي ودفعه للموافقة على اجتماع آخر.
انتهز عمرو هذه الفرصة، وتعهد لمعاوية بأنه إذا تمكن من هزيمة علي، فقد يكون حاكما لمصر، وافق معاوية وأرسل عمرو ممثلا له في إطار هذه المفاوضات.
وافق كل من معاوية وعلي على قبول القرآن كحكم نهائي وتعيين عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري حكما لهم، إذا لم يجدوا ما كانوا يبحثون عنه في القرآن، فسيستخدمون سنة النبي، عمل النبي خلال حياته.
وأخيرا، قرروا أن كلا من علي ومعاوية سيتابعان أي حكم يخرج من المفاوضات.
دفع هذا عمرو إلى محاولة شراء أبو موسى، قائلا إنه إذا انحاز إلى معاوية فسوف يمنحه الحكم على أي محافظة يريدها، رفض أبو موسى هذا العرض، لذلك نصح عمرو معاوية بالاستمرار في إلقاء اللوم على علي في وفاة عثمان.
اتفق كلاهما في النهاية على أن معاوية أو علي يستحقان دور الخليفة، تم إبرام هذا الاتفاق بشكل خاص بين هذين الاثنين وحدهما، وعندما تم الإعلان عن اختيارهم، اجتمع الناس لسماع الحكم.
قيل لعمرو دع أبو موسى يتكلم أولا:
“أيها الناس ، أنتم تعلمون جيدا أن هذه الحروب لم تستثن الصالحين والذين يخشون الله، ولا من هو على الحق، ولا من هو على باطل، لذلك، بعد دراسة متأنية، قررت أنه يجب علينا خلع كل من علي ومعاوية وتعيين عبد الله لهذا الشأن، لأنه لم يمد يدا ولم يرسم لسانا في هذه الحروب، ها أنا أزيل علي من الخلافة كما أزيل خاتمي من إصبعي”.
ثم جاء دور عمرو ليتكلم:
“هوذا عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري نائب أهل اليمن إلى الرسول وممثل عمر بن الخطاب وحكم أهل العراق، لقد أبعد رفيقه علي من الخلافة، أما أنا فأنا أثبت أن معاوية يستحق الخلافة كما يجلس هذا الخاتم حول إصبعي”.
أثار تصريح عمرو غضب أبو موسى لأنه قال سرا إنه سيرفضهما كقائدين، أدى ذلك إلى سقوط سلطة علي وصعود معاوية كقائد للإمبراطورية الإسلامية، وتم تعيينه حاكما لمصر.
قول عمر بن العاص عن الإسلام
“كنت معاديا بشدة للإسلام، شاركت في معارك بدر وأحد والخندق، وقاتلت إلى جانب المشركين، الآن بدأت أفكر في أن محمدا سينتصر في النهاية على قريش، وكنت لا أزال معادياً جداً للإسلام وشعرت أنه حتى لو اعتنق كل رجل في قريش الإسلام، فلن أفعل ذلك”.
إسلام عمر بن العاص
روى عمرو بن العاص رضي الله قصة مجيئه إلى الإسلام فقال:
عندما خرجنا من معركة الخندق، جمعت بعض رجال قريش الذين يشاركوني رأيي وكانوا يستمعون إلي، وقلت: ” تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علواً منكراً، وإني قد رأيت أمراً، فما ترون فيه؟، قالوا: وماذا رأيتَ؟ قلت: “أرى أننا يجب أن نذهب إلى النجاشي ونبقى معه، إذا انتصر محمد على شعبنا، فسنكون مع النجاشي ونفضل أن نخضع لسلطته بدلاً من محمد.
ومن ناحية أخرى، إذا انتصر شعبنا، فإنهم يعرفوننا ولن يأتي منهم إلا خير، فاعتقدوا أن اقتراحي كان ممتازا، لذلك أخبرتهم أن يعدوا هدية نأخذه للنجاشي، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم (الجلد)، لذلك جمعنا كمية كبيرة منه وأخذناها إليه.
فوالله ونحن ذاهبون إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري، كان قد أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعرفة جعفر وأصحابه.
وعندما خرج، قلت لرفاقي أنه إذا ذهبت إلى النجاشي وطلبت منه فأعطانيه ضربت عنقه، وإذا فعلت ذلك فإن قريش سترى أنني خدمتهم بشكل جيد بقتل رسول محمد.
لذلك دخلت إلى النجاشي وسجدت أمامه كما كنت افعل عادة، فرحب بي كصديق وسألني عما إذا كنت قد أحضرت شيء من بلدنا.
فأخبرته أنني أحضرت كمية كبيرة من الجلد، ثم قربته إليه، فأعجبه واشتهاه، قلت: “أيها الملك، لقد رأيت رجلاً خرج من عندك، وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطنيه لأقتله، لأنه قتل بعض رؤسائنا وأفضل رجالنا “، فغضب النجاشي ومد يده وضربة على أنفي لدرجة أنني اعتقدت أنه كسرها.
لو الأرض انشقت لي لدخلت فيها خوفاً من غضبه، ثم قلت له: أيها الملك والله لو ظننت أن هذا يغيظك لما طلبت ذلك.
قال: هل تطلب مني أن أعطيك رسول رجل يأتي إليه الناموس الأكبر [جبريل على السلام] كما كان يأتي إلى موسى على السلام حتى تقتله؟ قلت: أيها الملك هل هو هكذا حقا؟ قال: الويل لك يا عمرو! أطعني واتبعه، لأنه والله على حق.
سوف ينتصر على خصومه كما انتصر موسى على فرعون وجيوشه “.
قلت: هل تقبل يمين البيعة له في الإسلام؟ قال: نعم، ومد يده وأقسمت له المبايعة في الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي، لقد تغير رأيي عما كان عليه من قبل، لكنني أخفيت إسلامي عنهم.
ثم خرجت متجهة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعلن إسلامي، وفي طريقي قابلت خالد بن الوليد، كان ذلك قبل فتح مكة مباشرة، وكان قادما من مكة.
قلت: إلى أين أنت ذاهب يا أبا سليمان؟ قال: لقد استقام المنسم (لقد أصبح الطريق واضحاً)، محمد هو بالفعل رسول الله، أذهب والله فأسلم، فحتى متى (لا نُسلم)؟ قلت: والله ما جئت إلا لأصبح مسلما، فذهبنا إلى المدينة المنورة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تقدم خالد بن الوليد أمامي فأسلم وبايع، ثم اقتربت وقلت: يا رسول الله، سأبيعك يمين الولاء على أن يغفر لي خطاياي السابقة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو بايع، فإن الإسلام يمحو كل ما قبله والهجرة تمحو كل ما قبله، فبايعته، ثم انصرفت.
الأسئلة الشائعة
من بنى أول مسجد في مصر؟
تم بناء أول مسجد في مصر يقع الآن في القاهرة القديمة من قبل عمرو بن العاص، الزعيم العربي الذي هزم الرومان بأمر من الخليفة عمر وسيطر على مصر.
ماذا قال رسول الله عن عمرو بن العاص؟
وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص".
من هو القائد الذي فتح مصر؟
تم فتح مصر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه على يد الصحابي عمرو بن العاص عام 20 هـ / 641 م.
ما سبب عزل عمرو بن العاص؟
لقد عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص لتقصيره في جمع ما يريده ويأمله منه، بل كان أكثر مما كان مقدرا، وما يتحمله أهلها.